الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
التَّعْرِيضُ , هَلْ فِيهِ حَدٌّ أَوْ تَحْلِيفٌ , أَمْ لاَ حَدَّ فِيهِ ، وَلاَ تَحْلِيفَ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّعْرِيضِ أَفِيه حَدٌّ أَمْ لاَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : فِيهِ حَدُّ الْقَذْفِ كَامِلاً كَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : إنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْلِدُ فِي التَّعْرِيضِ بِالْفَاحِشَةِ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ صَفْوَانَ , وَأَيُّوبَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ , قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : وَاَلَّذِي حَدَّهُ عُمَرُ فِي التَّعْرِيضِ هُوَ عِكْرِمَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ هَجَا وَهْبَ بْنَ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى فَعَرَّضَ بِهِ فِي هِجَائِهِ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ مُصَالِحٍ يُحَدِّثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَلَدَ فِي التَّعْرِيضِ وَقَالَ : إنَّ حِمَى اللَّهِ لاَ تُرْعَى حَوَاشِيهُ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ , وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , قَالَ مَالِكٌ : عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَقَالَ عَمْرٌو : عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَتْ عَمْرَةُ , وَيَحْيَى : إنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : مَا أَبِي بِزَانٍ , وَلاَ أُمِّي بِزَانِيَةٍ , فَاسْتُفْتِيَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ قَائِلٌ : مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ , وَقَالَ آخَرُونَ : قَدْ كَانَ لأََبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ سِوَى هَذَا , نَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ , فَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ جَلَدَ الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ جَلَدَ رَجُلاً الْحَدَّ كَامِلاً فِي أَنْ قَالَ لأَخَرَ : يَا ابْنَ ذَاتِ الدَّايَةِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ طَرِيفٍ الْعُكْلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنَا لَهُ بِالسَّوْطِ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ : مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنَا لَهُ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ هِشَامٍ يَقُولُ : قَالَ رَجُلٌ فِي إمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِرَجُلٍ : إنَّك تُسَرِّي عَلَى جَارَاتِك قَالَ : وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ نَخَلاَتٍ كَانَ يَسْرِقُهُنَّ , فَحَدَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال أبو محمد : وَبِإِيجَابِ الْحَدِّ فِي التَّعَرُّضِ يَقُولُ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ أَيْضًا وَقَالَ آخَرُونَ لاَ حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ : كَمَا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرِ بْنِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : نَازَعَ رَجُلٌ رَجُلاً فَقَالَ : أَمَّا أَبِي فَلَيْسَ بِزَانٍ , وَلاَ أُمِّي بِزَانِيَةٍ , فَرُفِعَ إلَى عُمَرَ , فَشَاوَرَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : مَا نَرَى عَلَيْهِ حَدًّا , مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ فَضَرَبَهُ عُمَرُ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لاَ حَدَّ إِلاَّ فِي اثْنَيْنِ : أَنْ يَقْذِفَ مُحْصَنَةً , أَوْ يَنْفِيَ رَجُلاً مِنْ أَبِيهِ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَكْحُولٍ : أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالاَ جَمِيعًا : لَيْسَ يُحَدُّ إِلاَّ فِي الْكَلِمَةِ الَّتِي لَهَا مُصَرَّفٌ , وَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ وَجْهٌ وَاحِدٌ. وَبِهِ إلَى إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إذَا بَلَغَ الْحَدُّ لَعَلَّ وَعَسَى , فَالْحَدُّ مُعَطَّلٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ أَنَّ رَجُلاً شَاتَمَ رَجُلاً , فَقَالَ : يَا بْنَ شَامَّةَ الْوَذْرِ يَعْنِي ذُكُورَ الرِّجَالِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَشْهِدْ عَلَيْهِ , أَشْهِدْ عَلَيْهِ فَرَفَعَهُ إلَى عُمَرَ , فَجَعَلَ الرَّجُلَ يَقَعُ فِي عُثْمَانَ فَيَنَالُ مِنْهُ , فَقَالَ عُمَرُ : أَعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ عُثْمَانَ , فَجَعَلَ لاَ يَنْزِعُ , فَعَلاَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ : أَعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ عُثْمَانَ , وَسَأَلَ عَنْ أُمِّ الرَّجُلِ فَإِذَا هِيَ قَدْ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا فَدَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بِنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْمُحَبَّقِ قَالَ : قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَعَقَلْت رَاحِلَتِي , فَجَاءَ إنْسَانٌ فَأَطْلَقَهَا فَجِئْت فَلَهَزْت فِي صَدْرِهِ وَقُلْت : يَا نَائِكَ أُمِّهِ , فَذَهَبَ بِي إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَامْرَأَتُهُ قَاعِدَةٌ فَقَالَتْ لِي امْرَأَتُهُ : لَوْ كُنْت عَرَّضْت , وَلَكِنَّك أَقْحَمْت , قَالَ : فَجَلَدَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ , فَقُلْت : لَعَمْرُك , إنِّي يَوْمَ أُجْلَدُ قَائِمًا ثَمَانِينَ سَوْطًا إنَّنِي لَصَبُورٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : إنَّك تَقُودُ الرِّجَالَ إلَى امْرَأَتِك , قَالَ : التَّعْزِيرُ , وَلَيْسَ يُحَدُّ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : فِي التَّعْرِيضِ عُقُوبَةٌ وبه إلى وَكِيعٍ أَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَوْ قَالَ لَهُ : ادَّعَاك عَشْرَةٌ , لَمْ يُضْرَبْ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : التَّعْرِيضُ , قَالَ : لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ , قَالَ عَطَاءٌ , وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : فِيهِ نَكَالٌ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْت لَهُ : يُسْتَحْلَفُ مَا أَرَادَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : لاَ , قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : وَقُلْت لِعَطَاءٍ : رَجُلٌ قَالَ لأََخِيهِ ابْنِ أَبِيهِ : لَسْت بِأَخِي , قَالَ : لاَ يُحَدُّ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : يَا ابْنَ الْعَبْدِ , أَوْ أَيُّهَا الْعَبْدُ , قَالَ : إنَّمَا عَنَيْتُ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ , قَالَ : يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إِلاَّ ذَلِكَ , وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ , فَإِنْ نَكَلَ جُلِدَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : فَلَوْ قَالَ لأَخَرَ : يَا ابْنَ الْحَائِكِ , يَا ابْنَ الْخَيَّاطِ , يَا ابْنَ الْإِسْكَافِ يُعَيِّرُهُ بِبَعْضِ الأَعْمَالِ , قَالَ : يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ نَفْيَهُ , وَمَا أَرَادَ إِلاَّ عَمَلَ أَبِيهِ , فَإِنْ حَلَفَ تُرِكَ , وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : إنَّك لَدَعِيٌّ قَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلَوْ قَالَ لَهُ : ادَّعَاك سِتَّةٌ , لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ. قَالَ قَتَادَةُ : لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ : إنِّي أَرَاك زَانِيًا , عُزِّرَ , وَلَمْ يُحَدَّ وَالتَّعْرِيضُ كُلُّهُ يُعَزَّرُ فِيهِ فِي قَوْلِ قَتَادَةَ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : إنَّمَا جُعِلَ الْحَدُّ عَلَى مَنْ نَصَبَ الْحَدَّ نَصْبًا قال أبو محمد رحمه الله : بِأَنْ لاَ حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ , يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَابْنُ شُبْرُمَةَ , وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمْ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا , نَظَرْنَا فَوَجَدْنَا مَنْ رَأَى الْحَدَّ فِيهِ يَقُولُ : هَذَا فِعْلُ عُمَرَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، قال علي : وهذا لاَ مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ , لأََنَّهُ قَدْ صَحَّ الْخِلاَفُ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، نَصًّا , كَمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ , نَعَمْ , وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه ادْرَءُوا الْحَدَّ عَمَّنْ قَالَ لأَخَرَ : يَا ابْنَ شَامَّةِ الْوَذْرِ. وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَسَمُرَةُ , فَإِنَّهُ جَاءَ عَنْهُمَا : مَنْ عَرَّضَ عَرَّضْنَا لَهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْحَدَّ. فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِفِعْلِ عُمَرَ , وَعَلِيٍّ , وَسَمُرَةَ ، رضي الله عنهم ، جُمْلَةً. فَنَظَرْنَا هَلْ لَهُمْ حُجَّةٌ غَيْرُ هَذَا فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد : وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ لِوُجُوهٍ : أَوَّلُهَا : أَنَّنَا لَمْ نُخَالِفْهُمْ فِي أَنَّ " التَّعْرِيضَ " لاَ يَجُوزُ , فَيَحْتَجُّوا بِهَذَا , وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُمْ فِي هَلْ فِيهِ حَدٌّ أَمْ لاَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الآيَةِ لَوْ صَحَّ اسْتِدْلاَلُهُمْ بِهَا إِلاَّ النَّهْيُ عَنْ التَّعْرِيضِ فَقَطْ وَلَيْسَ فِيهَا إيجَابُ حَدٍّ فِيهِ أَصْلاً , فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِالآيَةِ. وَالثَّانِي : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَحُدَّ الَّذِينَ عَرَّضُوا بِهَذَا التَّعْرِيضِ فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِهَا فِي إيجَابِ الْحَدِّ وَالثَّالِثُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا نَهَى عَنْ قَوْلِ " رَاعِنَا " مَنْ لاَ يُظَنُّ بِهِ تَعْرِيضٌ أَصْلاً , فَهُمْ الصَّحَابَةُ ، رضي الله عنهم ،. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ لَفْظَةِ " رَاعِنَا " مِنْ أَجْلِ التَّعْرِيضِ , بَلْ كَمَا شَاءَ تَعَالَى , لاَ لِعِلَّةٍ أَصْلاً , وَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ سَاقِطٌ لاَ يَنْسَنِدُ أَصْلاً. فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِالآيَةِ جُمْلَةً , وَصَحَّ أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد : فَلَمَّا بَطَلَ قَوْلُ مَنْ رَأَى الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ : وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي قَوْلِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى , فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ني أَبُو الطَّاهِرِ , وَحَرْمَلَةُ وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ قَالاَ جَمِيعًا : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ وَأَنَا أُنْكِرُهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : مَا أَلْوَانُهَا قَالَ : حُمْرٌ , قَالَ : فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَنَّى هُوَ فَقَالَ لَعَلَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ ني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : وَلَدَتْ امْرَأَتِي غُلاَمًا أَسْوَدَ وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَك إبِلٌ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : مَا أَلْوَانُهَا قَالَ : حُمْرٌ , قَالَ : أَفِيهَا أَوْرَقُ قَالَ : نَعَمْ , فِيهَا ذَوْدٌ وُرْقٌ قَالَ : مِمَّ ذَاكَ تَرَى قَالَ : لاَ أَدْرِي لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي الأَنْتِفَاءِ مِنْهُ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَخْبَرَنِي النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا هَارُونُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ تَحْتِي امْرَأَةً جَمِيلَةً لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ قَالَ : طَلِّقْهَا , قَالَ : إنِّي لاَ أَصْبِرُ عَنْهَا , قَالَ : فَأَمْسِكْهَا قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ كُلُّهَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ مُوجِبَةٌ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ فِي التَّعْرِيضِ أَصْلاً ; لأََنَّ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ وَلَدًا أَسْوَدَ وَعَرَّضَ بِنَفْيِهِ وَكَانَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فَلَمْ يَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَدًّا ، وَلاَ لِعَانًا وَكَذَلِكَ الَّذِي قَالَ : " إنَّ امْرَأَتِي لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ " فَلَمْ يَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ حَدًّا ، وَلاَ لِعَانًا وَقَدْ أَوْجَبَ عليه السلام الْحَدَّ وَاللِّعَانَ عَلَى مَنْ صَرَّحَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام لَوْلاَ مَا سَبَقَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ. وَقَالَ عليه السلام لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ تَعْرِيضٌ صَحِيحٌ , وَأَنْكَرُ لِلْمُنْكَرِ دُونَ تَصْرِيحٍ , لَكِنْ بِظَنٍّ لاَ يُحْكَمُ بِهِ ، وَلاَ يُقْطَعُ بِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ السُّوءَ فِي الإِسْلاَمِ , تَعْرِيضٌ صَحِيحٌ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ , وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي ابْن أَمَةِ زَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ : أَوْصَانِي أَخِي عُتْبَةُ إذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ فَأَنْظُرُ ابْنَ أَمَةِ زَمْعَةَ فَهُوَ ابْنِي , وَقَالَ عَبْدٌ : هُوَ ابْنُ أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَشَارَ إشَارَةً لَمْ يَقْطَعْ بِهَا , بَلْ خَالَفَ وَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ مَاءِ عُتْبَةَ , وَلَمْ يَرَ حَدًّا عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , إذْ نَسَبَ وَلَدَ زَمْعَةَ إلَى أَخِيهِ. فَهَذِهِ آثَارٌ رَوَاهَا مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، جَمَاعَةٌ عَائِشَةُ , وَأَبُو هُرَيْرَةَ , وَأَنَسٌ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , فَصَارَتْ فِي حَدِّ التَّوَاتُرِ مُوجِبَةً لِلْعِلْمِ , مُبْطِلَةً قَوْلَ مَنْ رَأَى : أَنَّ فِي التَّعْرِيضِ حَدًّا , بَلْ صَحَّ بِهَا : أَنَّ مَنْ عَرَّضَ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَكِنْ لِشَكْوًى عَلَى حَدِيثِ الأَعْرَابِيِّ , أَوْ تَوَرُّعًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ وَلِيدَةَ زَمْعَةَ أَوْ إنْكَارًا لِلْمُنْكَرِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ , فَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً , لاَ إثْمَ ، وَلاَ كَرَاهِيَةَ ، وَلاَ إنْكَارَ ; لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ , وَقِيلَ بِحَضْرَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ. وَأَمَّا طَرِيقُ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا لاَ تَخْتَلِفُ , وَالْمَالِكِيُّونَ فِي جُمْلَتِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ السُّوءَ مِنْ رَجُلٍ , أَوْ امْرَأَةٍ , كَانْفِرَادِ الأَجْنَبِيَّيْنِ , وَدُخُولِ الرَّجُلِ مَنْزِلَ الْمَرْأَةِ تَسَتُّرًا , فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إنْكَارُ ذَلِكَ , وَرَفْعُهُ إلَى الْإِمَامِ , وَهَذَا بِيَقِينٍ تَعْرِيضٌ , وَإِلَّا فَأَيُّ شَيْءٍ يُنْكِرُونَ مِنْ ذَلِكَ. وَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْحَدَّ فِي التَّعْرِيضِ وَهُمْ يُصَرِّحُونَ بِالْقَذْفِ ، وَلاَ يَرَوْنَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا , وَذَلِكَ إقَامَتُهُمْ حَدَّ الزِّنَى عَلَى الْحُبْلَى وَمَا ثَبَتَ قَطُّ عَلَيْهَا زِنًا , فَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُسْقِطُونَ الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ وَهَذَانِ مَكَانَانِ أَقَامُوا الْحَدَّ بِالشُّبُهَاتِ فِيهِمَا , وَهُمَا : حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى مَنْ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ وَحَدُّ الزِّنَا عَلَى مَنْ حَمَلَتْ ، وَلاَ زَوْجَ لَهَا ، وَلاَ سَيِّدَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد : وَصَحَّ أَنْ لاَ حَدَّ فِي التَّعْرِيضِ أَصْلاً فَإِنْ قَالَ الْمُعَرَّضُ بِهِ : أُحَلِّفُهُ مَا أَرَادَ قَذْفِي , لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ , وَلاَ يَحْلِفُ هَاهُنَا أَصْلاً ; لأََنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهُ , وَإِنَّمَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ قَذْفَهُ فَقَطْ , وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَضْمَرَ قَذْفَهُ وَلَمْ يَقْذِفْهُ , فَإِنَّهُ لاَ تَحْلِيفَ فِي ذَلِكَ , لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَضْمَرَ قَذْفًا وَلَمْ يَنْطِقْ بِهِ , فَإِنَّهُ لاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ أَصْلاً , حَتَّى أَقَرَّ بِذَلِكَ امْرُؤٌ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا الْمُعَرِّضُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِالْقَذْفِ ، وَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً. وَأَمَّا مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْقَذْفِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَلاَ تَحْلِيفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا ; لأََنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِهِ لاَ مِنْ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ , فَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا آذَيْتُك , وَلاَ شَتَمْتُك وَيَبْرَأُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا وَحُدَّ فِيهِ أَوْ لَمْ يُحَدَّ قال أبو محمد : قَدْ جَاءَتْ فِي هَذَا آثَارٌ : كَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : إذَا جُلِدَ الرَّجُلُ فِي حَدٍّ ثُمَّ أُونِسَ مِنْهُ تَرْكُهُ فَعَيَّرَهُ بِهِ إنْسَانٌ نُكِّلَ بِهِ. وَبِهِ إلَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : عَلَى مَنْ أَشَاعَ الْفَاحِشَةَ نِكْلٌ , وَإِنْ صَدَقَ. وَعَنْ الزُّهْرِيِّ : قَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ حَدًّا فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَعَيَّرَهُ بِهِ رَجُلٌ فِي الإِسْلاَمِ نَكَلَ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : دَخَلَ رَجُلاَنِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : إنَّهُ وَلَدُ زِنًا فَطَأْطَأَ الآخَرُ رَأْسَهُ , فَقَالَ عُمَرُ : مَا يَقُولُ هَذَا فَسَكَتَ , وَاعْتَرَفَ , فَأَمَرَ عُمَرُ بِالْقَائِلِ ذَلِكَ لَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُجَأْ قَفَاهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الدَّارِ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ نَرَى عَلَى مَنْ قَذَفَ رَجُلاً جَلْدَ الْحَدِّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْقَاذِفُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت حِينَ قُلْت لَهُ مَا قُلْت إِلاَّ الأَمْرَ الَّذِي جُلِدَ فِيهِ الْحَدَّ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَكَانَتْ جَدَّتُهُ قَدْ زَنَتْ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لاَ إلَه إِلاَّ هُوَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ جَدَّتَهُ الَّتِي أَحْدَثَتْ ثُمَّ لاَ يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُجْلَدُ الْحَدَّ فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ : يَا زَانِي , قَالَ : يُسْتَجَبْ بِالدُّرَّةِ وَيُعَزَّرُ وَمِنَّا مَنْ يَقُولُ : إذَا أُقِيمَ الْحَدُّ جُلِدَ مَنْ قَذَفَ وَمِمَّنْ قَالَ بِجَلْدِهِ : ابْنُ أَبِي لَيْلَى قال أبو محمد : وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي تَزْنِي أَمَتُهُ فَلْيَجْلِدْهَا ، وَلاَ يُثَرِّبْ فَصَحَّ أَنَّ التَّثْرِيبَ عَلَى الزَّانِي حَرَامٌ , وَأَنَّ إشَاعَةَ الْفَاحِشَةِ حَرَامٌ , وَلاَ يَحِلُّ بِلاَ خِلاَفٍ أَذَى الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُؤْذَى بِهِ. فَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ سَبَّ مُسْلِمًا بِزِنًا كَانَ مِنْهُ , أَوْ بِسَرِقَةٍ كَانَتْ مِنْهُ , أَوْ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ مِنْهُ , وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الأَذَى لاَ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ الْجَمِيلِ سِرًّا : لَزِمَهُ الأَدَبُ ; لأََنَّهُ مُنْكَرٌ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَهَذَا الْحَدِيثُ بَيَانُ مَا قَدَّمْنَا نَصًّا ; لأََنَّ فِيهِ أَبَاحَ تَغْيِيرَ الْمُنْكَرَاتِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ , فَمَنْ بَكَّتَ آخَرَ بِمَا فَعَلَ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَهُوَ مُحْسِنٌ , وَمَنْ ذَكَّرَهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ أَتَى مُنْكَرًا فَفَرْضٌ عَلَى النَّاسِ تَغْيِيرُهُ ; لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. فَصَحَّ أَنَّ عِرْضَ كُلِّ أَحَدٍ حَرَامٌ إِلاَّ حَيْثُ أَبَاحَهُ النَّصُّ أَوْ الْإِجْمَاعُ , وَسَوَاءٌ عِرْضُ الْعَاصِي وَغَيْرِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد : فَإِنْ قَذَفَ إنْسَانٌ إنْسَانًا قَدْ زَنَى بِزِنًا غَيْرِ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ , وَبَيَّنَ ذَلِكَ , وَصَرَّحَ , فَعَلَى الْقَاذِفِ الْحَدُّ سَوَاءٌ حُدَّ الْمَقْذُوفُ فِي الزِّنَى الَّذِي صَحَّ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُحَدَّ ; لأََنَّهُ مُحْصَنٌ عَنْ كُلِّ زِنًا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ , وَقَدْ قلنا إنَّ " الْإِحْصَانَ " هُوَ الْمَنْعُ فَمَنْ مَنَعَ بِشَيْءٍ أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ فَهُوَ مُحْصَنٌ عَنْهُ , فَإِذْ هُوَ مُحْصَنٌ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. فِيمَنْ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أُتِيَ بِرَجُلٍ انْتَفَى عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : اضْرِبْ الرَّأْسَ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي الرَّأْسِ قال أبو محمد : يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِإِيجَابِ الْحَدِّ فِي النَّفْيِ عَنْ الأَبِ , أَوْ عَنْ النَّسَبِ : أَنْ يُقِيمَ حَدَّ الْقَذْفِ كَامِلاً عَلَى مَنْ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ , أَوْ عَلَى مَنْ نَفَى وَلَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ , وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا وَأَمَّا نَحْنُ , فَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ هَاهُنَا التَّعْزِيرُ فَقَطْ , وَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ قَالَ لأَخَرَ : أَنْتَ ابْنُ فُلاَنٍ وَنَسَبَهُ إلَى عَمِّهِ , أَوْ خَالِهِ , أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ , أَوْ أَجْنَبِيٍّ قال أبو محمد : قَالَ قَوْمٌ : فِي كُلِّ هَذَا الْحَدُّ وَهُوَ خَطَأٌ , وَلَكِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذَا : أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ , فَهُوَ فِعْلٌ حَسَنٌ وَقَوْلٌ حَسَنٌ , وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مُشَاتَمَةً , أَوْ أَذًى , أَوْ تَعْرِيضًا , فَفِيهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ , وَلاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ , برهان مَا ذَكَرْنَا : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ وَلَدِ يَعْقُوبَ عليه السلام إذْ قَالُوا وَقَالَ تَعَالَى وَأَمَّا زَوْجُ الْأُمِّ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْمَنْكِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ صَنَعَ طَعَامًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ دَعَانَا أَبُوكَ فَقَالَ : نَعَمْ , قَالَ : قُومُوا قَالَ أَنَسٌ : فَأَتَيْت أَبَا طَلْحَةَ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَتْ أُمُّ عُمَيْرٍ بِنْتُ سَعْدٍ عِنْدَ الْجُلاَسِ بْنِ سُوَيْدٍ فَقَالَ الْجُلاَسُ بْنُ سُوَيْدٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : إنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنْ الْحَمِيرِ , فَسَمِعَهَا عُمَيْرٌ فَقَالَ : وَاَللَّهِ إنِّي لاََخْشَى إنْ لَمْ أَرْفَعْهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِلَ الْقُرْآنُ فِيهِ , وَأَنْ أَخْلِطَ بِخِطْبَتِهِ , وَلَنِعْمَ الأَبُ هُوَ لِي , فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا النَّبِيُّ عليه السلام الْجُلاَسَ فَعَرَّفَهُ فَتَحَالَفَا فَجَاءَ الْوَحْيُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَكَتُوا فَلَمْ يَتَحَرَّكْ أَحَدٌ كَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ لاَ يَتَحَرَّكُونَ إذَا نَزَلَ الْوَحْيُ فَرُفِعَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ فَقَالَ الْجُلاَسُ : اسْتَتِبْ لِي رَبِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَإِنِّي أَتُوبُ إلَى اللَّهِ , وَأَشْهَدُ لَهُ بِصِدْقٍ , قَالَ عُرْوَةُ : فَمَا زَالَ عُمَيْرٌ مِنْهَا بِعَلْيَاءَ حَتَّى مَاتَ قال أبو محمد : فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " عَنْ الرَّبِيبِ أَبٌ , وَيَنْسُبُ إلَى الرَّجُلِ ابْنَ امْرَأَتِهِ " فَيَقُولُ لَهُ : أَبُوك وَهَذَا أَنَسٌ , وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالدِّيَانَةِ يَقُولاَنِ بِذَلِكَ قال أبو محمد : وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا وَبِهِ نَأْخُذُ. فِيمَنْ قَالَ لأَخَرَ : يَا لُوطِيٌّ , أَوْ يَا مُخَنَّثٌ قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لأََبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا. وَبِهِ إلَى أَبِي هِلاَلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ عِكْرِمَةُ : لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ. وَعَنْ الزُّهْرِيِّ , وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالاَ جَمِيعًا فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : يَا لُوطِيٌّ أَنَّهُ لاَ يُحَدُّ . وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُنَا. وَقَالَ آخَرُونَ : لاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يُبَيِّنَ : كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ : لاَ حَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَ : إنَّك لَتَصْنَعُ بِفُلاَنٍ , وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لأَخَرَ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ : نِيَّتُهُ يُسْأَلُ عَمَّا أَرَادَ بِذَلِكَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : يَا لُوطِيٌّ فَرُفِعَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ : يَا لُوطِيٌّ , يَا مُحَمَّدِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَضَرَبَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا , ثُمَّ أَرْسَلَ إلَيْهِ مِنْ الْغَدِ فَأَكْمَلَ لَهُ الْحَدَّ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ : عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ : يُجْلَدُ مَنْ فَعَلَهُ وَمَنْ رَمَى بِهِ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : يَا لُوطِيٌّ قَالَ : يُجْلَدُ قال أبو محمد : قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ , وَالشَّعْبِيِّ : يُجْلَدُ , لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْحَدَّ , وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَا جَلْدَ تَعْزِيرٍ. وَبِإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ رَمَى بِهِ يَقُولُ مَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ. وَهُوَ الْخَارِجُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يَعْنِي مَنْ رَمَى آخَرَ : بِأَنَّهُ يَنْكِحُ الرِّجَالَ , أَوْ بِأَنَّهُ يَنْكِحُهُ الرِّجَالُ إنَّمَا هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِالْوَاجِبِ فِي قَوْمِ لُوطٍ , فَإِنْ كَانَ زَنَى فَالْوَاجِبُ فِي الرَّمْيِ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ بِالزِّنَى , وَإِنْ كَانَ لَيْسَ زَنَى فَلاَ يَجِبُ فِي الرَّمْيِ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ بِالزِّنَا وَسَنَسْتَقْصِي الْكَلاَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابٍ مُفْرَدٍ لَهُ إثْرَ كَلاَمِنَا فِي حَدِّ السَّرِقَةِ , وَحَدِّ الْخَمْرِ ، وَلاَ حَوْلَ ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ وَهُوَ لَيْسَ عِنْدَنَا زِنًا فَلاَ حَدَّ فِي الرَّمْيِ بِهِ. وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَهُوَ عِنْدَهُمَا زِنًا أَوْ مَقِيسٌ عَلَى الزِّنَا فَالْحَدُّ عِنْدَهُمَا فِي الْقَذْفِ بِهِ. وَأَمَّا مَالِكٌ , وَالأَشْهَرُ مِنْ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ عِنْدَهُمْ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ الزِّنَا ; لأََنَّهُمَا يَرَيَانِ فِيهِ الرَّجْمَ أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ فَإِذْ هُوَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ زِنًا , وَإِنَّمَا حُكْمُهُ الْمُحَارَبَةُ أَوْ الرِّدَّةُ ; لأََنَّهُ لاَ يُرَاعَى فِيهِ إحْصَانٌ مِنْ غَيْرِهِ , فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ لاَ يَكُونَ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ أَفْحَشَ تَنَاقُضٍ , فَلَمْ يَتَّبِعُوا فِيهِ نَصًّا ، وَلاَ قِيَاسًا. فَإِنْ قَالُوا : إنَّ الرَّمْيَ بِذَلِكَ حُرِّمَ قلنا : نَعَمْ , وَإِثْمٌ , وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ حَرَامٍ , وَإِثْمٍ : تَجِبُ فِيهِ الْحُدُودُ , فَالْغَصْبُ حَرَامٌ ، وَلاَ حَدَّ فِيهِ , وَأَكْلُ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ ، وَلاَ حَدَّ فِيهِ , وَالرَّمْيُ بِالْكُفْرِ حَرَامٌ ، وَلاَ حَدَّ فِيهِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ لأَخَرَ : يَا مُخَنَّثٌ فَإِنَّ الْقَاضِي حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ : يَا يَهُودِيُّ , فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ , وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ : يَا مُخَنَّثُ فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ , وَذَلِكَ ; لأََنَّهُ مُرْسَلٌ , وَالْمُرْسَلُ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ. ثُمَّ هُوَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ. وَلَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاََوْجَبْنَاهُ حَدًّا , وَلَكِنَّهُ لاَ يَصِحُّ , فَلاَ يَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ , وَلاَ حَدَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرُوا وَإِنَّمَا هُوَ التَّعْزِيرُ فَقَطْ لِلأَذَى ; لأََنَّهُ مُنْكَرٌ , وَتَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ , لأََمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ مَنْ رَمَى إنْسَانًا بِبَهِيمَةٍ قال أبو محمد رحمه الله : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ رَمَى إنْسَانًا بِبَهِيمَةٍ , فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَمْعَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : مَنْ رُمِيَ بِذَلِكَ يَعْنِي بِبَهِيمَةٍ جُلِدَ ثَمَانِينَ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : مَنْ قَذَفَ رَجُلاً بِبَهِيمَةٍ جُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ حَدَّ فِي ذَلِكَ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ : سَأَلْت الشَّعْبِيَّ عَنْ رَجُلٍ قُذِفَ بِبَهِيمَةٍ أَوْ وُجِدَ عَلَيْهَا قَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ ، أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ يُقْذَفُ بِبَهِيمَةٍ قَالَ : قَدْ قُذِفَ بِقَوْلٍ كَبِيرٍ , وَالْقَائِلُ أَهْلٌ لِلنَّكَالِ الشَّدِيدِ , وَرَأْيِ السُّلْطَانِ فِيهِ. وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ , وَالْمَالِكِيُّونَ , وَالشَّافِعِيُّونَ , وَأَصْحَابُنَا الظَّاهِرِيُّونَ , فَلاَ يَرَوْنَ فِي ذَلِكَ حَدًّا أَصْلاً وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ فِي ذَلِكَ , إذْ يَرَوْنَ الْحَدَّ عَلَى مَنْ قُذِفَ بِفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ , وَلاَ يَرَوْنَ الْحَدَّ عَلَى مِنْ قُذِفَ بِبَهِيمَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا أَوْرَدْنَا. وَكُلُّ ذَلِكَ لاَ نَصَّ فِي إيجَابِ الْحَدِّ فِي الرَّمْيِ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد رحمه الله : وَهُمْ لاَ يَجِدُونَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إيجَابُ حَدٍّ عَلَى مَنْ رَمَى إنْسَانًا بِفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ , وَنَحْنُ نُوجِدُهُمْ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، إيجَابَ حَدٍّ حَيْثُ لاَ يُوجِبُونَهُ , كَمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ; فِيمَنْ فَضَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ , أَوْ افْتَرَى عَلَى الْقُرْآنِ كَمَا ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلاَبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بِنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى : أَنَّ الْجَارُودَ بْنَ الْعَلاَءِ الْعَبْدِيَّ قَالَ : أَبُو بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ حَاجِبِ بْنِ عُطَارِدَ : عُمَرُ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ : فَبَلَغَ عُمَرَ , فَضَرَبَ بِالدِّرَّةِ الْحَاجِبِيَّ حَتَّى شَغَرَ بِرِجْلِهِ وَقَالَ : قُلْتَ : عُمَرُ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ , إنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ فِي كَذَا وَكَذَا مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُفْتَرِي قال أبو محمد رحمه الله : هَكَذَا فِي كِتَابِ الْعُذْرِيِّ : مِنْ وَلَدِ حَاجِبِ بْنِ عُطَارِدَ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ : مِنْ وَلَدِ عُطَارِدَ بْنِ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ عَلِيٌّ : إنَّمَا أَخْبَرَ عُمَرُ فِي هَذَا الْخَبَرِ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخْيَرُ النَّاسِ فِي كَذَا وَكَذَا أَشْيَاءُ ذَكَرَهَا لاَ عَلَى الْعُمُومِ , وَقَدْ يَكُونُ الْمَرْءُ خَيْرًا فِي شَيْءٍ مَا مِنْ آخَرَ خَيْرٌ مِنْهُ فِي أَشْيَاءَ , فَقَدْ عُذِّبَ بِلاَلٌ فِي اللَّهِ تَعَالَى بِمَا لَمْ يُعَذَّبْ أَبُو بَكْرٍ , وَجَالَدَ عَلَى مَا لَمْ يُجَالِدْ أَبُو بَكْرٍ , وَأَبُو بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْهُ عَلَى الْعُمُومِ وَفِي أَشْيَاءَ غَيْرِ هَذَا كَثِيرَةٍ. وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى ابْنِ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ , وَالْحَكَمِ , قَالاَ جَمِيعًا : حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ : سَمِعْت عَلْقَمَةَ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا عليه السلام يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا يُفَضِّلُونَنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ مَنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَهُوَ مُفْتَرٍ , عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي. وَبِهِ إلَى ابْنِ الْجَهْمِ ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلاَبَةَ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حَجَلٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ فَضَّلَنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , إِلاَّ جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ , قَالَ : اسْتَشَارَهُمْ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : مَنْ افْتَرَى عَلَى الْقُرْآنِ أَرَى أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ جُحَادَةَ بْنِ دِثَارٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبُوا الْخَمْرَ بِالشَّامِ ، وَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ فِيهِمْ إلَى عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ : أَنَّهُمْ احْتَجُّوا عَلَى عُمَرَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا} فَشَاوَرَ فِيهِمْ النَّاسَ , فَقَالَ لِعَلِيٍّ : مَاذَا تَرَى فَقَالَ : أَرَى أَنَّهُمْ قَدْ شَرَعُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ , فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَلاَلٌ فَاقْتُلْهُمْ , فَإِنَّهُمْ قَدْ أَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى , وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَرَامٌ فَاجْلِدْهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ , فَقَدْ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِحَدِّ مَا يَفْتَرِي بِهِ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ قال أبو محمد رحمه الله : هُمْ يُعَظِّمُونَ يَعْنِي الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ قَوْلَ الصَّاحِبِ وَحُكْمِهِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ , وَهُمْ هَاهُنَا قَدْ خَالَفُوا الصَّحَابَةَ ، رضي الله عنهم ، فَلاَ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ فَضَّلَ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ حَدَّ الْفِرْيَةِ , وَلاَ عَلَى مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا حَدَّ الْفِرْيَةِ , وَلاَ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الْقُرْآنِ , حَدَّ الْفِرْيَةِ , لَكِنْ يَرَوْنَ الْقَتْلَ إنْ بَدَّلَ الدِّينَ , أَوْ لاَ شَيْءَ إنْ كَانَ مُتَأَوِّلاً. هَذَا , وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ , وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ , فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فِي إثْبَاتِ ثَمَانِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ , نَعَمْ , وَفِي إثْبَاتِ الْقِيَاسِ وَقَدْ خَالَفُوهُمَا فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا. فَلَئِنْ كَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ , وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ , حُجَّةً فِي إيجَابِ حَدِّ الْخَمْرِ , وَفِي الْقِيَاسِ , فَإِنَّهُ حُجَّةٌ فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَذِبًا وَعَلَى الْقُرْآنِ. وَلَئِنْ كَانَ قَوْلُهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي إيجَابِ حَدِّ الْفِرْيَةِ عَلَى مَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى , وَعَلَى الْقُرْآنِ , فَمَا قَوْلُهُمَا حُجَّةً فِي إيجَابِ الْقِيَاسِ , وَلاَ فِي إيجَابِ ثَمَانِينَ فِي الْخَمْرِ ، وَلاَ فَرْقَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَذَا يُلِيحُ لِمَنْ أَنْصَفَ نَفْسَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ فِرْيَةٍ يَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلاَ حَدَّ إِلاَّ فِي الْفِرْيَةِ بِالزِّنَا , لِصِحَّةِ النَّصِّ , وَالْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. عَفْوُ الْمَقْذُوفِ عَنْ الْقَاذِفِ قال أبو محمد رحمه الله : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِلْإِمَامِ : افْتَرَى عَلَيَّ فُلاَنٌ , أَوْ رَمَى أُمِّيَ فَيَقُولُ الْإِمَامُ : أَفَعَلْتَ فَيَقُولُ : نَعَمْ , قَدْ فَعَلْتُ , فَيَقُولُ الآخَرُ : قَدْ أَعْفَيْتُهُ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُفْتَرَى عَلَيْهِ : أَنْتَ أَبْصَرُ ، وَلاَ يَكْشِفُهُ لَعَلَّهُ يَكْشِفُ غِطَاءً لاَ يَحِلُّ كَشْفُهُ , فَإِنْ عَادَ يَلْتَمِسُ ذَلِكَ الْحَدَّ كَانَ ذَلِكَ لَهُ. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ ني مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ زُرَيْقَ بْنَ الْحَكَمِ حَدَّثَهُ. قَالَ : افْتَرَى رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مِصْبَاحٌ عَلَى ابْنِهِ , فَقَالَ لَهُ : يَا زَانِي , فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَيَّ فَأَمَرْت بِجَلْدِهِ , فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَئِنْ جَلَدْتُهُ لاَُقِرَّنَّ عَلَى نَفْسِي بِالزِّنَا فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لِي أَشْكَلَ عَلَيَّ فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ , فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيَّ : أَنْ أَجِزْ عَفْوَهُ فِي نَفْسِهِ قَالَ زُرَيْقٌ : فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الرَّجُلِ يَفْتَرِي عَلَيْهِ أَبَوَاهُ , أَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْهُمَا فَكَتَبَ عُمَرُ إلَيَّ : خُذْ لَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَنِي زُرَيْقُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ قَذَفَ ابْنَهُ : أَنْ اجْلِدْهُ , إِلاَّ أَنْ يَعْفُوَ ابْنُهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ زُرَيْقٍ : فَظَنَنْت أَنَّهَا لِلأَبِ خَاصَّةً , فَكَتَبْت إلَى عُمَرَ أُرَاجِعُهُ : لِلنَّاسِ عَامَّةً أَمْ لِلأَبِ خَاصَّةً فَكَتَبَ إلَيَّ : بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً. وَقَالَ آخَرُونَ : لاَ عَفْوَ فِي ذَلِكَ لأََحَدٍ , كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ عَفْوَ فِي الْحُدُودِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تَبْلُغَ الْإِمَامَ , فَإِنَّ إقَامَتَهَا مِنْ السُّنَّةِ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ , وَابْنِ جُرَيْجٍ كِلاَهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ , قَالَ : إذَا بَلَغَتْ الْحُدُودُ السُّلْطَانَ فَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ , وَمَعْمَرٌ يَعْنِي الْفِرْيَةَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ . وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُنَا. وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ , وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. وقال أبو حنيفة , وَأَصْحَابُهُ : لاَ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ , وَأَصْحَابِهِ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابِهِ : أَنَّ الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ بُلُوغِ الأَمْرِ إلَى الْإِمَامِ , وَبَعْدَ بُلُوغِهِ إلَيْهِ. وقال مالك فِيمَنْ قَذَفَ آخَرَ فَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْقَاذِفِ قَالَ : لاَ يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ , إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ خَوْفَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ مَا رُمِيَ بِهِ , فَيَجُوزُ عَفْوُهُ حِينَئِذٍ. قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ أَنْ يُؤَخِّرَ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ لَهُ أَوْ لأََبَوَيْهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ , وَيَأْخُذُهُ بِهِ مَتَى أَحَبَّ , قَالَ : فَإِنْ عَفَا عَنْهُ ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِهِ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا هَذَا الأَخْتِلاَفَ مَرْجِعَهُ إلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَدُّ فِي الْقَذْفِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى , كَالْحَدِّ فِي الزِّنَا , وَالْحَدِّ فِي الْخَمْرِ , وَالْحَدِّ فِي السَّرِقَةِ , وَالْحَدِّ فِي الْمُحَارَبَةِ وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ , كَالْقِصَاصِ فِي الأَعْضَاءِ , وَالْجِنَايَاتِ عَلَى الأَمْوَالِ. فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ فِي الْقَذْفِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الْحُدُودِ , فَلاَ يَجُوزُ لأََحَدٍ عَفْوٌ فِيهِ ; لأََنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مَنْ سَرَقَ مَالَ إنْسَانٍ , أَوْ زَنَى بِأَمَتِهِ وَافْتَرَى عَلَيْهِ , أَوْ بِامْرَأَةٍ أَكْرَهَهَا , وَسَرَقَ مَالاً مِنْ مَالِهَا , وَافْتَرَى عَلَيْهَا , فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الزِّنَا بِأَمَتِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الزِّنَا بِذَلِكَ , وَلاَ لَهُمَا أَنْ يَعْفُوَا عَمَّنْ سَرَقَ مَالَهُمَا , أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِمَا الطَّرِيقَ , فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ السَّرِقَةِ بِذَلِكَ , وَحَدُّ الْمُحَارَبَةِ. وَالْمُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَذْفِ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَا : مُتَحَكِّمٌ فِي الدِّينِ بِلاَ دَلِيلٍ. وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ فِي الْقَذْفِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ : فَعَفْوُ النَّاسِ عَنْ حُقُوقِهِمْ جَائِزٌ : فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ , فَوَجَدْنَاهُ ظَاهِرَ التَّنَاقُضِ ; لأََنَّهُ إنْ كَانَ حَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلاَ يَجُوزُ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ أَرَادَ سَتْرًا أَوْ لَمْ يُرِدْ : لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهُ إسْقَاطَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ فَالْعَفْوُ جَائِزٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي حَقِّهِ أَرَادَ سَتْرًا أَوْ لَمْ يُرِدْ وَيُقَالُ لِمَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ الظَّاهِرَ الْخَطَأَ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ عَفَا عَنْ الزَّانِي بِأَمَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ تَسَتُّرًا عَلَى نَفْسِهِ خَوْفَ أَنْ يُقِيمَ الْوَاطِئُ لَهَا بَيِّنَةً بِأَنَّهَا لَهُ غَصَبَهَا مِنْهُ الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ الآنَ وَبَيْنَ مَنْ عَفَا عَنْ سَارِقِ مَتَاعِهِ وَهُوَ يُرِيدُ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ خَوْفَ أَنْ يُقِيمَ الَّذِي سَرَقَهُ مِنْهُ بَيِّنَةَ عَدْلٍ أَنَّ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ سَرَقَهُ مِنْهُ , وَأَنَّهُ مَالٌ مِنْ مَالِ هَذَا الَّذِي سَرَقَهُ آخَرُ , فَهَلْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَرْقٌ هَذَا مَا لاَ يُعْرَفُ أَصْلاً , فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ جُمْلَةً , لِتَنَاقُضِهِ , وَلِتَعَرِّيهِ مِنْ الأَدِلَّةِ , وَلأََنَّهُ قَوْلٌ لاَ يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ : فَوَجَدْنَاهُ قَدْ تَنَاقَضَ ; لأََنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى , وَلَمْ يُجِزْ الْعَفْوَ عَنْهُ أَصْلاً , فَأَصَابَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ تَنَاقَضَ مُنَاقَضَةً ظَاهِرَةً فَقَالَ : لاَ حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ إِلاَّ أَنْ يُطَالِبَهُ الْمَقْذُوفُ , فَجَعَلَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ حُقُوقِ الْمَقْذُوفِ , وَأَسْقَطَهُ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَهَذَا تَخْلِيطٌ ظَاهِرٌ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَقَدْ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْم عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَمَرَ بِالْمَرْأَةِ وَالرَّجُلَيْنِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَمْ يُشَاوِرْ عَائِشَةَ أُمَّنَا ، رضي الله عنها ، أَنْ تَعْفُوَ أَمْ لاَ فَلَوْ كَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ حَقٌّ لَمَا عَطَّلَهُ عليه السلام وَهُوَ أَرْحَمُ النَّاسِ , وَأَكْثَرُهُمْ حَضًّا عَلَى الْعَفْوِ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ فَصَحَّ أَنَّ الْحَدَّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى , لاَ مَدْخَلَ لِلْمَقْذُوفِ فِيهِ أَصْلاً ، وَلاَ عَفْوَ لَهُ عَنْهُ. وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْإِجْمَاعِ , فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَسْمِيَةِ الْجَلْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْقَذْفِ حَدًّا , وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ , وَلاَ إجْمَاعٌ بِأَنَّ لأَِنْسَانٍ حُكْمًا فِي إسْقَاطِ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ مَدْخَلَ لِلْعَفْوِ فِيهِ. وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَلَوْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ لَكَانَ الْعَفْوُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ مِنْ الْمَقْذُوفِ فِيمَا قُذِفَ بِهِ , لاَ فِيمَا قُذِفَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ أَبِيهِ , وَأُمِّهِ ; لأََنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عَفْوُ أَحَدٍ عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ وَهُمْ يُجِيزُونَ عَفْوَ الْمَرْءِ عَنْ قَاذِفِ أَبِيهِ الْمَيِّتِ , وَأُمِّهِ الْمَيِّتَةِ وَهَذَا فَاسِدٌ , وَتَنَاقُضٌ مِنْ الْقَوْلِ , وَالْقَوْمُ أَهْلُ قِيَاسٍ. قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ عَفْوَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ مِنْ قَطْعِ يَدِ سَارِقِهِ , وَلاَ لِلْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَاطِعِ عَلَيْهِ لِلْمُحَارِبِ لَهُ , وَلاَ لِلْمَزْنِيِّ بِامْرَأَتِهِ , وَأَمَتِهِ , عَنْ الزَّانِي بِهِمَا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْقَذْفِ وَحَدِّ السَّرِقَةِ , وَلاَ لِلْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقَاطِعِ. وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فَإِنَّ عُمَرَ جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ , وَنَافِعًا , وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ , إذْ رَآهُمْ قَذَفَةً وَلَمْ يُشَاوِرْ فِي ذَلِكَ الْمُغِيرَةَ ، وَلاَ رَأَى لَهُ حَقًّا فِي عَفْوٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ رَأَى الْعَفْوَ فِي ذَلِكَ جُمْلَةً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|